ما سبب انخفاض سعر الذهب عالميًا؟
تراجعت أسعار الذهب اليوم عالميًا بشكل كبير بعد فوز الرئيس ترامب بالانتخابات الأمريكية، فقد خسر الذهب ما يقرب من 12 دولار في الأوقية الواحدة، ويسأل الكثيرون من حول العالم عن أسباب تراجع أسعار الذهب عالميا لهذا الحد، على الرغم من وصوله لأعلى مستوى له خلال الفترة الأخيرة حتى إعلان نتيجة الانتخابات في أمريكا، فما السبب وراء هذا التراجع الكبير للمعدن الأصفر على المستوى العالمي؟ نسرد لكم أعزائي خلال هذا المقال من موقع مقال دوت كوم أبرز وأهم أسباب انخفاض الذهب عالميًا.
أسباب انخفاض أسعار الذهب عالميًا بعد نتيجة الانتخابات
هناك علاقة بين تراجع أسعار الذهب أمام الدولار الأمريكي وفوز ترامب والحزب الجمهوري بانتخابات الرئاسة بأمريكا، إذ لاحظ العالم كله انخفاضات في سعر الذهب العالمي عقب انتصار ترامب بالانتخابات الرئاسية، وأيضًا فوز حزبه بأغلبية المقاعد في الكونجرس، ويأتي على الطريق مجلس النواب؛ المتوقع أن يكتسح فيه الحزب الجمهوري على الديموقراطي، ويرجع خبراء الاقتصاد تراجع سعر الذهب عالمياً إلى سياسات الرئيس ترامب التضخمية التي تعزز من قوة الدولار أمام المعدن الأصفر بالخصوص والمعادن كلها بشكل عام. تعالوا معنا في رحلة خلال السطور نستعرض معكم أهم وأبرز الأسباب التي أدت إلى انخفاض أسعار الذهب اليوم، والتوقعات الخاصة بأسعار الذهب خلال الأيام المقبلة.
- برنامج ترامب الاقتصادي القائم على تخفيض الضرائب، وتقليص الإنفاق الحكومي، وترحيل المهاجرين غير الشرعيين، مع فرض رسوم جمركية أعلى على جميع الواردات، لتقليل فاتورة الاستيراد والاعتماد على المنتج المحلي، مما يعزز الدولار أمام العملات العالمية، وهو ما يسبب انخفاض في سعر الذهب، لأن هناك علاقة اقتصادية عكسية بين الدولار والذهب.
- توقعات كبيرة بارتفاع أسعار الفائدة خلال الفترة المقبلة، وذلك لسياسات ترامب حول مواجهة ارتفاع معدلات التضخم، وهو الأمر الذي يجعل العائد على الإقراض أكثر جاذبية من الذهب غير ذات العائد. ومع اكتساح الحزب الجمهوري للكونغرس الأمريكي ومجلس النواب، سيكون من السهل سن تغييرات سياسية واقتصادية كبرى، وبالتالي مع وجود مثل هذه القرارات، يصبح مصير الذهب لا يبشر بخير على المدى القريب.
- ارتفاع عائدات السندات الخزانة الأمريكية أمر آخر يساهم في انخفاض أسعار الذهب، حيث يعتبر رفع العوائد على سندات الخزانة من السياسات الموضوعة من قبل الإدارة الأمريكية، وقد زاد عائد السندات لأجل عشر سنوات خلال يوليو الماضي إلى أعلى مستوياته بعد ظهور النتائج المبكرة للانتخابات التي كانت تشير إلى رئاسة ترامب، حيث ارتفع عائد سندات الخزانة من 0.16 نقطة أساس إلى 4.44 نقطة.
- ارتفاعات متوقعة في بورصة الأسهم الأمريكية خلال الفترة القادمة، ويعزى ذلك إلى الإجراءات التي سيتخذها ترامب فيما يخص الاستيراد، وفرض قيود على الواردات، وزيادة الرسوم الجمركية الخاصة بها، ومن ثم الاعتماد بشكل أكبر على المنتجات الأمريكية المحلية، مما يرفع من أسهم هذه الشركات أمام الشركات العالمية الأخرى، والذي بدوره يؤدي إلى تعزيز الدولار أمام العملات الأجنبية الأخرى. ومع انتعاش البورصة الأمريكية، يتجه المستثمرين والأشخاص للاستثمار في الأسهم الأكثر ربحية، مما يجعل الذهب والاستثمار فيه أقل جاذبية.
توقعات سعر الذهب الأيام القادمة
من المتوقع أن تتراجع أسعار الذهب بعد الانتخابات الأميركية، حيث سيستوعب السوق تراجع حالة عدم اليقين. ومع ذلك، قال أنينديا بانيرجي، نائب الرئيس الأول في شركة كوتاك للأوراق المالية المحدودة، إن الانخفاض "من المرجح أن يكون مؤقتًا وقد لا يؤدي إلى تباطؤ مستدام". وتعود المخاوف من انخفاض أسعار الذهب إلى الفترة التي أعقبت فوز ترامب الأول في الانتخابات في نوفمبر/تشرين الثاني 2016.
ففي الفترة التي أعقبت فوز ترامب والتي استمرت 30 يوما، انخفض سعر الذهب الفوري بنحو 112 دولارا، أو 9%، إلى 1169 دولارا للأوقية. وبحسب المحللين، فإن المقارنة مع عام 2016 قد لا تكون ذات صلة تمامًا. وقال بانيرجي: "في ذلك الوقت، كانت الأسواق غير مستعدة إلى حد كبير لرئاسة ترامب، مما أدى إلى انحدار حاد في الأسواق الناشئة والسلع الأساسية مثل الذهب والفضة. ومع ذلك، بعد مراقبة ولايته الأولى، أصبحت الأسواق الآن أكثر تكيفًا".
وأضاف "نتيجة لذلك، قد لا نشهد تكرارا للارتفاع الذي شهدناه بعد انتخابات 2016 في مؤشر الدولار وعائدات السندات والأسهم الأميركية. ومع ذلك، ومع الارتفاعات الأخيرة في الدولار وعائدات السندات الأميركية، فإن إمكانية تحقيق المزيد من المكاسب الكبيرة في الذهب قد تكون محدودة".
هل سيرتفع سعر الذهب في الأيام القادمة؟
في الأمد القريب، قد تستمر أسعار الذهب والفضة في الانخفاض، حيث قال بانيرجي "إن الأسعار قد تصل إلى القاع قبل أن ترتفع مرة أخرى مع اقتراب مؤشر الدولار من ذروته، من المتوقع أن يتداول الذهب في نطاق ضيق أو جانبي حتى يحدد ترامب سياساته الرئيسية. وأضاف: "على المدى الطويل، أي فوق 12 شهرًا، نتوقع أن يستعيد الذهب مستوياته المرتفعة السابقة ويحقق ارتفاعات جديدة".
وقال كرانثي باتيني، مدير استراتيجية الأسهم في ويلث ميلز سيكيوريتيز، إنه بغض النظر عن المؤشرات الفنية، فإن سعر الذهب يمكن أن يتحرك في أي اتجاه حيث يتحرك المعدن أكثر بناء على "المشاعر وأقل بناء على الأساسيات".
وقال باتيني إنه على الرغم من المخاطر في الأمد القريب، فإن أسعار الذهب ستظل مرتفعة في الأمد المتوسط بسبب العوامل الجيوسياسية. وقد أضاف أيضًا: "العامل الأكبر الذي يؤثر على أسعار الذهب هو تصاعد التوترات بين إيران وإسرائيل في الشرق الأوسط". وأفاد بأن الرياح المعاكسة العالمية ستبقي الطلب على الذهب مرتفعًا. وأشار إلى أنه "على المدى الطويل، ستصل أسعار الذهب إلى 3000 دولار في السوق العالمية و86 ألف روبية في الأسواق المحلية".
ختامًا، العلاقة بين فوز ترامب بانتخابات الرئاسة الأمريكية وانخفاض أسعار الذهب عالميًا، تؤكد لنا الارتباط الوثيق بين السياسة والاقتصاد، وأنهما وجهان لعملة واحدة، قرار سياسي واحد يغير من اقتصاديات العالم كله، كما حدث من قبل وقت اندلاع الحرب الروسية الأوكرانية، والتوترات الحاصلة اليوم في منطقة الشرق الأوسط، لذا ليس من الغريب هبوط أسعار الذهب بعد الانتخابات الرئاسية في أكبر دولة في العالم.