معنى البيروقراطية وخصائصها
البيروقراطية هي نظام إداري قائم على هيكلة الأدوار والسلطات الإدارية وتوزيعها، وتحديد صلاحيات كل مسئول والمسمى الوظيفي لكلا منهم، وذلك وفق قوانين ولوائح ثابتة. وأكثر ما يمثل هذه الهياكل النظامية هي المؤسسات التابعة للحكومة في بلد ما وأنظمتها وموظفي تلك الحكومات.
يرتبط مفهوم البيروقراطية bureaucracy بتنظيم وأداء مصالح الناس وشؤونهم اليومية التي تتصدى الأجهزة الحكومية بتقديمها إلى المواطنين، ووضع أدوات لتنظيم متطلبات العامة بناءًا على منطق عقلاني، لذا نجد ارتباط وثيق بين البيروقراطية الإدارية والنزعة العقلانية من أجل تنظيم العمل وتدبير الشأن العام.
معنى البيروقراطية الإدارية
البيرُقراطية أو الدواوينية هي مفهوم إداري تنظيمي يستخدم في علم الاجتماع والعلوم السياسية يشير إلى تطبيق النظام الإداري وفرض القوانين و الأساليب الروتينية بالقوة، وتوزيع المسؤوليات والأدوار على المسؤولين ضمن طريقة هرمية رسمية، ومن ثم توزيع المهام على مجموعة من الموظفين في إطار معين حسب الكفاءة والمعرفة التي يمتلكها كل موظف.
تشير كلمة بيروقراطية إلى سلطة المكتب أو قوة المكتب، حيث تعني كلمة "بيرو" القوة، وكلمة "قراطية" معنى المكتب أو الديوان، وهي من أصل أغريقي. ويتجلى مصطلح البيروقراطية في وصف هياكل الإدارة الحكومية، حيث تمثل حكومة أي دولة الإدارة البيروقراطية بشكل كبير، هى المسئولة الأولى والأخيرة في إدارة المصلحة العامة للمواطنين، هنا يمكن القول أن النموذج الحكومي للإدارة هو أساس النظام البيروقراطي في الدولة.
وقد نشأت مفاهيم البيروقراطية في أواخر القرن التاسع عشر مع إندلاع الثورة الصناعية على يد عالم الاجتماع الألماني max weber، وتعتمد نظريته على إدارة المجتمعات المنظمة من خلال نموذج وظيفي رسمي بتسلسل هرمي من أعلى لأسفل بتراتبية معينة من أجل التنظيم والإدارة لشئون الناس ومصالحهم؛ والمتمثلة في الجهاز الإداري للدولة عن طريق مجموعة من القوانين وإجراءات لتحقيق متطلبات واحتياجات المواطن العادي.
هناك عدة مزايا يتميز بها النظام البيروقراطي أهمها الاستقرار في العمل، يكون نتيجة الالتزام بالقواعد واللوائح ومعرفة دور وعمل كل مسئول حسب التخصص، أيضًا الكفاءة لأن كل فرد يعمل خلال جزئية تخصصه ومتمكن منها، تتسم البيروقراطية أيضا بترتيب السلطات حسب المسمى الوظيفي مما يضفي الكثير من الاتساق والمساءلة من خلال التنظيم المثالي للمهام داخل المؤسسات الكبيرة.
يتطلب العمل بالنظام البيروقراطي البنى والهياكل منظمة بطريقة هرمية من الأعلى إلى الأسفل، بحيث يقوم المدير العام باتخاذ القرار وتنفيذه من قبل من دونه ثم الأقل مرتبة فالأقل، حتى نصل إلى الموظف المباشر العامل في الهيئات والمصالح الحكومية مع المواطنين، الذي يطبق تلك القرارات، ويكون ذلك التسلسل الوظيفي قائم على الجدارة والكفاءة سواء على مستوى الاختبارات المهنية أو الخبرات المتراكمة والمؤهلات التي يمتلكها كل موظف في الجهاز الإداري للدولة؛ وهو ما يسمى بـ "توزيع السلطة الرشيدة" أو "السلطة العقلانية".
لماذا يحمل مفهوم البيروقراطية دلالة سلبية؟
على الرغم من أنها من المفترض أن تساعد في إبقاء الجميع على المسار الصحيح، إلا أن البيروقراطيات أصبحت اليوم مرهقة بشكل كبير، حيث تضع التركيز على السياسات والإجراءات بدلاً من الكفاءات، ونجد أن الموظف البيروقراطي يركز على صحة الإجراءات على حساب احتياجات الناس.
البيروقراطيون يكونون عقيمون في مجال عملهم ويفتقدون للإبداع والابتكار في إيجاد الحلول والبدائل، والالتزام المتشدد بالقواعد واللوائح مع عدم الأخذ بالجانب الإنساني في المعاملات، فضلًا عن السيطرة المركزية التي يختص بها المدير البيروقراطي في أي مؤسسة أو شركة، والتي تؤدي إلى حالة من غياب المساءلة عند الموظفين، مما يفرض نظام على الأفراد قد يدفعهم إلى الاكتفاء بالحد الأدنى من الأداء.
لماذا تؤذي المجتمع وتدمر الإنسان؟
تنتج لنا البيروقراطية منظمات ذات سياسات عقيمة، وقواعد صارمة في الأغلب تكون جائرة لأنها لا تقوم على الكفاءة أو الفعالية بل ما يعرف بالأقدمية الخالية من الخبرة والمعرفة، لقد تفتقد هذه المنظمات إلى الإبداع، وترك مساحة للآخرين من أجل التطوير والتحسين والتغيير للأفضل، بل تكون أكثر تحفظًا وثباتًا في التعامل مع المشاكل.ولعل من أكثر المشاكل المرتبطة بالبيروقراطية هو الروتين المتجمد، والذي يتطلب جهدًا إضافيًا للتغلب عليه، والذي يتسبب في إهدار المزيد من الوقت والجهد.
يمكن الربط بين البيروقراطية و الفساد، انتشار البيروقراطية وتغولها في البلاد يساهم في العمليات المشبوهة منها غسيل الأموال، وتأجيل دفع الضرائب لفترات زمنية أطول، وتحول الأرباح في اتجاهات أخرى وحتى خارج البلاد، وليس في المكان الذي تمارس فيه المنشأة نشاطها الاقتصادي، خاصة فيما يتعلق بالأصول المملوكة للأجانب.
كيف تؤثر البيروقراطية على حياتنا؟
يتمثل الوجه الأسود للبيروقراطية في أنها تنشئ أنظمة رسمية معقدة، يركز على القواعد والسياسات الرسمية الموحدة دون تحقيق الأهداف كما جاء في نظرية ماكس فيبر مؤسس كلمة البيروقراطية، فقد تشير البيروقراطية إلى اتباع إجراءات أو بروتوكولات محددة؛ وهو أمر بالغ الأهمية من أجل التنظيم ﻛﻤﺎ كان الأمر في الماضي فيما يخص القطاع العام للدولة بالخصوص، وذلك لإدارة أفضل للموارد الموجودة لدى الدولة وتقديم الخدمات للمواطنين، أما اليوم البيروقراطية تجعل الأنظمة المعتمدة عليها تواجه العديد من التعقيدات والإجراءات الطويلة، التي تجعل من عملية اتخاذ القرار بطيئة، مما يؤثر سلبًا على تنظيم حياتنا اليومية في الكثير من المجالات بشكل عام.
حل البيروقراطية
هناك حلول متعددة وأساليب مختلفة لتبسيط وتقليص مستويات البيروقراطية في حياتنا، والتي يمكن من خلالها التخلص من الطريقة التقليدية العقيمة في إنهاء الأعمال والمهام، حيث يتم تحويل سلسلة الإجراءات الطويلة إلى مجموعة إجراءات أبسط وأكثر مرونة وفعالية.
ولنا في دولة الإمارات العربية خير مثال على حل مشاكل البيروقراطية من خلال تطبيق تكنولوجيا المعلومات في التعاملات المدنية بين حكومة الإمارات والمواطنين، عن طريق إطلاق برنامج تصفير البيروقراطية الحكومية الجديد، والذي يهدف إلى تسهيل الإجراءات الحكومية وإلغاء الغير ضروري منها، مما يزيد من كفاءة الجهاز الإداري للدولة، وتقديم خدمة متميزة للمواطنين.
في النهاية، رغم أن نظام البيروقراطية أفاد الكثير من الدول الصناعية خلال القرن الماضي، لما فيه من ضبط إيقاع العمل من خلال تقسيم المهام بين الموظفين، وتسلسل هرمي للسلطة مما يعمل على تنظيم عملية اتخاذ القرار، ولكن اليوم تمثل البيروقراطية عائق كبير في زمن يتسم بالتغيير والتطور السريع، مما يضيع العديد من الفرص بسبب بطء الإجراءات غير الضرورية وكثرتها، مما يطيل من وقت إنجاز المهمات، ما يسبب انخفاض الناتج المحلي سواء على مستوى الأفراد أو المؤسسات.
لو قدرنا نقدم لك معلومة جديدة فدعمنا بـ المتابعة ❤